السبت، 31 أغسطس 2024

هل الشجرة التي أكل منها آدم شجرة جينية غيرت تركيبة جيناته وجهازه التناسلي وزرعت الشهوات بجسده وأسقطت الألبسة التي أنزلها الله علينا

هل الشجرة التي أكل منها آدم شجرة جينية غيرت تركيبة جيناته وجهازه التناسلي وزرعت الشهوات بجسده وأسقطت الألبسة التي أنزلها الله علينا

هشام كمال عبد الحميد

 

الشجرة التي أكل آدم وحواء منها وكانت سبباً في طردهما من الجنة هي لغز من الألغاز الموجودة بالقرآن، لكن بالقرآن أيضا آيات بها مفاتيح لحل هذا اللغز يتوصل إليها كل من يتدبر آيات القرآن ويربطها ببعضها، وقد شرحت بالفصل الأول من كتاب "لباس التقوى وأسرار الحج والأنعام والهالة النورانية" تفاصيل هذا الموضوع والذي يمكن أن نلخصه بهذا المقال في الآتي:

قال تعالى:

وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (البقرة:35)

وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) (الأعراف)

يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (27) (الأعراف)

من الآيات السابقة نستنتج أن الله أنزل علينا أو بمعني آخر ألبس آدم وحواء وبني آدم ثلاثة ألبسة كانت من آيات الله للبشرية وهي:

1.    لباس يواري سوءاتهما

2.    ريشاً

3.    لباس التقوى

فلما أكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها نُزع عنهما اللباس الذي كان يواري سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة

والأسئلة المثارة حول هذه الآيات هي الآتي:

1.    ما هي طبيعة الشجرة التي أكل منها آدم وحواء وما هي علاقتها بنزع لباس مواراة السوءة؟؟؟؟

2.    هل المقصود بالسوءة الأعضاء التناسلية كما قال المفسرون أم شيء آخر؟؟؟؟

3.  هل هذه الشجرة شجرة نباتية أم شجرة جينية (تغير تركيبة الجينات بالجسم) أم شجرة نارية لها علاقة بالسلوكيات العدوانية والشهوات والغرائز أم شجرة نسل ونسب شيطانية والأكل منها يعني التزاوج والجماع مع الشياطين كما ظن البعض؟؟؟؟

4.  هل المقصود بالأكل التناول مثل الطعام عن طريق الفم أم شيء معنوي مثل أكل الربا وأكل أموال اليتامي وأكل السحت وأكل أموال الناس بالباطل....إلخ ، أم مقصود به التزاوج بشجرة نسب ما؟؟؟؟

5.  لو كان الأكل من الشجرة يعني جماع وتزاوج مع نسل هذه الشجرة ألا يعد في ذلك اتهام غير مباشر لحواء بالزنا لأنها أكلت مثل آدم من هذه الشجرة أيضا؟؟؟؟

6.    هل حدث تغير في تركيبة الجينات البشرية لآدم وحواء نتيجة الأكل من هذه الشجرة؟؟؟؟

7.  ما هي روشتة العلاج التي كتبها الله لآدم بعد إعلان توبته وندمه علي الأكل من هذه الشجرة لعلاج الخلل الجيني الذي حدث بخلاياه ولباس تقواه (هالته النورانية) ؟؟؟؟؟

8.    لماذا أصبح من المحال بقاء آدم بالجنة بعد الأكل من هذه الشجرة؟؟؟؟

9.  هل المقصود بالريش أجنحة مثل أجنحة الطائر؟؟؟؟ وهل سقطت هذه الأجنحة عن آدم ونسله عقب الأكل من الشجرة مباشرة أم بعد فترة من الزمن؟؟؟؟؟

أولاً هذه الشجرة لا يمكن أن تكون شجرة نسب والأكل منها يعني التزاوج والجماع مع نسل هذه الشجرة، لأن الله قال لآدم وحواء اسكنا الجنة وكلا منها حيث شئتما رغداً ولا تقربا هذه الشجرة، فلو كانت الشجرة مقصود بها نسل والأكل مقصود به التزاوج والجماع مع هذا النسل فمعني ذلك أن الجنة كان بها أشجار نسل أخري أبيح لآدم وحواء التزاوج والجماع معهم، ومعني ذلك أيضا أن حواء عندما أكلت من الشجرة فأنها جامعت وتزاوجت مع رجال من نسل هذه الشجرة وهي متزوجة من آدم، أي باختصار لا بد أن نوجه لها تهمة الزنا مع أحد هؤلاء الرجال بتصريح من الله وبعلم وتحت سمع وبصر آدم.

فهل يعقل مثل هذا الكلام الفارغ؟؟؟ وهل الله اخبرنا عن خطيئة حواء أو آدم بارتكابهما الزنا والزواج المحرم عليهما؟؟؟؟؟

فالأكل من هذه الشجرة هو أكل مثل الطعام وعن طريق الفم بدليل قوله تعالي (فلما ذاقا الشجرة) فالتذوق يكون للطعام أو ثمار الأشجار وما شابههما.

ولكي نفهم ونحلل طبيعة هذه الشجرة المحرمة وما حدث لآدم وحواء بعد الأكل منها فلا بد أن نتتبع التغيرات الفسيولوجية والسيكولوجية النفسية التي طرأت عليهما عقب الأكل من هذه الشجرة والتي أوجَزَها القرآن في الآتي :

1.    نزع لباس مواراة السوءة وتحريك الشهوة الجنسية بجسديهما.

2.  نزع لباس التقوى أو جزء منه بعد ذلك وكل ما كان يستر عوراتهما من لباس وريش ألبسه الله لهما.

3.    حدوث تغير في طريقة إخراج الطعام المأكول

فقد أدي الأكل من هذه الشجرة إلي نزع لباس مواراة السوءة، والسوءة تطلق أحياناً عند العوام علي الأعضاء التناسلية، ولكنها أطلقت في القرآن علي الجسد أو جثة الإنسان الميت بجريمة قتل بدليل قوله تعالى:

فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (المائدة:31)

فالسوءة بالآية السابقة أطلقت علي جثة هابيل الذي قتله قابيل، فهي جثة مرتبطة بجريمة قتل أي بسلوك عدواني، والسوءة من السوء، والسوء في القرآن أتت بمعان كثيرة منها الجريمة أو الأذى أو المرض أو الذنب الكبير أو العذاب الشديد أو الأهوال أو الخبائث والفسق والفاحشة والظلم وإتباع الهوى، ونذكر من الآيات الواردة في السوء قوله تعالى:

يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ (أي جرائم) تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (آل عمران:30)

أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ (أي جرائمه) فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (فاطر:8)

أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (محمد:14)

فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ (أي أذي)وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (آل عمران:174) 

وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (الانبياء:74)

إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ (أي بعد ظلم) فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (النمل:11)

يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ (أي زاني أو قواد) وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً (مريم:28)

وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ (مرض أو أذي) آيَةً أُخْرَى (طـه:22)

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (لأعراف:167)

أذن كان الله قد أنزل علي آدم والبشرية في بداية الخلق لباس يواري سوءته أي يخفي أو يكبح غرائزه وشهواته العدوانية والجنسية وظلمه لنفسه وللآخرين، فلما أكل آدم من الشجرة المحرمة اشتعلت هذه الشهوات والغرائز بجسده وانطلقت بلا ضابط أو كابح أو رابط أو رقيب فأصبح لدي الإنسان الاستعداد لارتكاب جرائم القتل أو الزنا أو الظلم....الخ بكل سهولة ولأتفه الأسباب، فمات الضمير أو لباس كبح السوءة عند كثير من الناس. فلباس موارة السوءة هو ضمير الإنسان الذي يعد رقيب وحسيب علي غرائزه وشهواته فضعف هذا اللباس بعد الأكل من الشجرة المحرمة.

كما أدي الأكل من هذه الشجرة إلي حدوث تغيرات أخري فسيولوجية في جينات الإنسان ففي الجنة سيخرج الإنسان ما يأكله في صورة عرق وليس بول وبراز كما جاء بالأحاديث النبوية، وبعد الأكل من الشجرة أصبح آدم وحواء في حاجة للتبول والتبرز بعد أي أكل من شجر الجنة، وبهذا أصبح من المستحيل بقائهم بالجنة لأن الجنة ليس بها دورات مياه ومواسير وبالوعات مجاري، فهذه أشياء نجسة ستنجس وتدنس الجنة بقاذوراتها، كما أدي الأكل من الشجرة لتحرك الشهوة الجنسية بجسد آدم وحواء ورغبا في الجماع أكثر من مرة في اليوم وبنفس الطريقة التي يتم الجماع بها في الدنيا الآن، وفي الجنة يختلف الجماع عن طريقة الجماع في الدنيا . لذا فإن الله في الآخرة سيعيدنا الله علي الفطرة التي فطرنا عليها قبل الأكل من هذه الشجرة.

أيضاً أدي الأكل من هذه الشجرة إلي نزع الريش وفي الغالب كان هذا الريش كما شرحنا بالمقال السابق عن أجنحة مثل أجنحة الطائر تمكن آدم وأبنائه من الطيران في السماء وقد سقط هذا الريش عنهم بعد فترة زمنية من نزولهم الأرض كما جاء ببعض الروايات والآثار التاريخية، لذا نجد بالكثير من آثار ونقوش الفراعنة والسومريين والبابليين أن المخلوقات الأولي التي سكنت الأرض من نسل آدم كان لهم أجنحة مثل أجنحة النسور يطيرون بها في السماء ويتنقلون بواسطتها من مكان لمكان، أيضاً نزع لباس التقوى عنهما وهو اللباس الذي ألبسهما الله إياه ليحصِنَهُما ويقيهما من اختراق إبليس والشياطين ومخلوقات دقيقة أخري لجسمهما.

وقد جاء في بعض الروايات أن لباس التقوى كان من نور ، إذن لباس التقوى هو ما نطلق عليه اليوم الطاقة النورانية الإيجابية أو الهالة النورانية التي تحيط بالجسد وتقيه من اختراق الشياطين لجسده وبعض الفيروسات والجراثيم وتقوي جهاز المناعة (لباس الاتقاء أو لباس التحصين) .                       

ويمكننا القول باختصار شديد أن الأكل من هذه الشجرة المحرمة أحدث تغيرات فيزيائية وفسيولوجية وكيميائية غيرت في تركيب الجينات الوراثية لآدم وحواء عن النمط والفِطرة التي فطرهما الله عليها، وتبع ذلك حدوث تغير في السلوك الإنساني قد يحول أصحاب النفس الأمارة بالسوء لسلوكيات عدوانية وشهوانية مفرطة.

وطالما أن ثمار الشجرة المحرمة وهي نوع من الطعام المحرم أكله بأول تشريع إلهي قد أدت إلي تغيير فيزيائي في الطاقة النورانية المحيطة بالإنسان وتغيير كيميائي في تركيبة الجينات البشرية، فمن المنطقي القول أن جميع الأطعمة والمشروبات المحرمة في التشريعات الإلهية سيؤدي تناولها إلي تغيرات فيزيائية متعلقة بجميع أنواع الطاقة المؤثرة أو المحيطة بالإنسان وإلي تغيرات كيميائية تؤثر في الجينات البشرية والسلوك الإنساني.

ونتيجة لمكائد إبليس المستمرة ضد البشرية وإضلاله لهم بطرق ووسائل وأدوات متعددة ومختلفة ومتجددة في كل عصر وزمان كانت روشتة العلاج التي كتبها المولي عز وجل لآدم وحواء ثم لنا لعلاج الخلل الفيزيائي والجيني الكيميائي لخلايانا هي تحديد لائحةً بالأطعمة والمشروبات المحرم تناولها والأطعمة والمشروبات المحللة وعلي رأسها أنواع معينة من الأنعام بكل كتبه السماوية، كما حدد لنا مجموعة من الصلوات المرتبطة بالتوجه باتجاه مكة ومجموعة من الشعائر والمناسك المتعلقة بالحج والأنعام وموقع مكة المكرمة كمركز لتجمع الطاقة الكونية في الكرة الأرضية وأكبر مولد لشحن الإنسان بالطاقة النورانية، ونهانا عن اجتناب الكثير من الفواحش وفعل السوء والكبائر، لما لهذه الأفعال من تأثير في سلوك الإنسان وطاقته النورانية مما يؤدي لعدم تمكين الشياطين من اختراق أجسادنا أو السيطرة علينا وعلي قدراتنا العقلية والنفسية ويقوي جهاز المناعة عندنا.

لهذا حذرنا الله من مكائد إبليس لنا لنزع لباس التقوى عنا من خلال ما نتناوله من طعام كما فعل مع أبينا آدم، فقال تعالى عقب حادثة إغواء إبليس لآدم وحواء:

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (18) وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (27) وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (30) يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (33) (الأعراف)

والآيات السابقة تختصر قصة إغواء وفتنة إبليس لآدم وحواء، وأكدت لنا هذه الآيات أن محور حروب إبليس مع آدم ونسله ستركز علي نزع لباس التقوى عنهم بصفة مستمرة والذي يعد آية من آيات الله.

واختتمت هذه الآيات بإلقاء الضوء علي بعض الأشياء التي قد يتضح منها لغير الراسخين في العلم أنها لا علاقة لها بالقصة، وفي الحقيقة هي تلقي الضوء علي أهم الأشياء أو الكلمات التي تلقاها آدم من ربه ليعيده للفطرة التي فطره عليها ويستعيد بها لباس التقوى ويقويه ويجنبه ونسله مكائد إبليس.

وهذه الأشياء أو الأوامر الإلهية هي:

1.    الأمر الإلهي بالقسط (العدل والإنصاف).

2.  أمر إلهي أن نقيم وجوهنا ونأخذ زينتنا عند كل مسجد وندعوه مخلصين له الدين ليعيدنا كما بدأنا علي الفطرة الأولي (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ).

3.    أمر بالأكل والشرب من الطيبات من الطعام والشراب وعدم الإسراف في ذلك.

4.    تجنب الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق.

5.    عدم الشرك بالله أو أن نقول عليه ما لا نعلم.

وهذه الأوامر الإلهية بعض منها متعلق بما نتناوله من طعام، وبعضها متعلق بسلوكياتنا وأفعالنا، وبعضها متعلق بصلاتنا عند كل مسجد، وبعضها مختص بعلاقتنا بالخالق وضرورة عدم الشرك به.

وهذه الأوامر الإلهية السابقة ستؤدي إلي نتيجة واحدة هي أعادتنا للفطرة الأولي التي فطر الله عليها آدم وحواء بعد أن تغيرت وتشوهت تركيبة خلاياهما بالأكل من الشجرة المحرمة، كما ستعيد هذه الأوامر لنا جزء كبير من لباس التقوى في الدنيا والذي سبق نزعه من آدم وحواء.

والمبهم من هذه الأوامر معنا الآن هو العلاقة بين لباس التقوى وبين إقامة وجوهِنا عند كل مسجد أو أخذ زينتنا عند كل مسجد؟؟؟؟؟.

ولتوضيح هذا اللغز لا بد أن نعلم أن إقامة وجوهنا عند كل مسجد مقصود به توجهنا في صلاتنا عند كل مسجد باتجاه القبلة أي باتجاه مكة، فمكة تقع في مركز اليابسة بالكرة الأرضية وتُعَد مركز المغناطيسية والسجود باتجاهها في الصلاة يشحن الإنسان بطاقة نورانية أي تقوية هالته النورانية، والسجود باتجاه مركز الأرض أو المغناطيسية الجغرافية يفرغ الشحنات السالبة من الإنسان فيقيه من الكثير من الأمراض النفسية والعضوية، فهذه الشحنة النورانية التي نشحِن بها أنفسنا عند تأدية الصلاة باتجاه مكة تقوي لباس التقوى أو الزينة التي زين بها الله آدم عند خلقه (لباس التقوى النوراني الذي كان يحيط بجسده).

وكلمة "مسجد" الواردة في قوله تعالي: وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد، لا يقصد بها مساجد الصلاة فقط (الجوامع)، وإنما كل مكان سنسجد فيه لتأدية الصلاة المفروضة كالمنزل أو محل العمل أو السوق أو أي مكان آخر، ففي أي مكان ننوي عنده الصلاة علينا بالتوجه باتجاه القبلة أي باتجاه مكة.

ويوم القيامة ستحيط هذه الهالة النورانية البيضاء بالمؤمنين (بعد أن يتممها الله لهم بنفس المقدار الذي كانت تحيط بآدم وحواء في الجنة) لأنهم لم يتناولوا الأطعمة المحرمة، ولم يرتكبوا الفواحش، وأقاموا شعائر وعبادات الله التي أمرهم بها، فاكتست أجسادهم بهذه الطاقة النورانية في الدنيا وستظهر بقوة حولهم في الآخرة وتُري بالأعين، أما المشركون والكافرون والمجرمون الذين أتبعوا خطوات إبليس فستحيط بهم هالة إشعاعية زرقاء سالبة كما أوضح لنا الحق سبحانه وتعالي في قوله:

1- " يا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (33) " (الأعراف)

فهذه الآيات تؤكد أن زينة الله التي أخرجها لعباده (لباس التقوى) ستكون للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة، ومعني خالصة يوم القيامة أي تامة وكاملة وصافية .

2- " يا َأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (التحريم:8)

وهذه الآية توضح أن النبي والذين آمنوا معه سيسعي نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بالجنة وسيدعون ربهم أن يتمم لهم هذا النور (الزينة الجسدية) أو لباس التقوى ليكون بالفطرة والهيئة والمقدار الذي كان يحيط بآدم وحواء في بداية عملية الخلق.

3- " يوم ترَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (الحديد:12)

4 – " والَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ " (الحديد:19)

5 – " يوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً " (طـه:102)

وهذه الآية السابقة تشير إلي أن الهالة النورانية للمجرمين تكون ذات لون أزرق قاتم في الدنيا، وفي الآخرة سيري لونها بوضوح لكل الناس فيعرفونهم بسيماهم كما جاء بآيات أخري.

ومما يقوي ويدعم الهالة النورانية لنا في الدنيا تنزل الملائكة علي الذين استقاموا علي أداء الأعمال الصالحة، فالملائكة تتنزل علي المؤمنين الصالحين، والملائكة هم طاقة نورانية إيجابية تحيط بالمؤمنين بصفة مستمرة، فكلمة تتنزل تعني الاستمرار في النزول، أي يصبح هؤلاء الملائكة ملازمين للمؤمنين الصالحين بصورة دائمة، كما يقومون بحفظهم من كل مكروه، وذلك مصداقاً لقوله تعالي:

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (فصلت:30)

لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (الرعد : 11)

أما المشركون وكل أفاك أثيم فتنزل عليهم الشياطين وهم طاقة سالبة نارية زرقاء لأنهم مخلوقون من نار السموم وهي أشد جزء في أي لهب ناري وهي الجزء الأزرق فيه، وهذه الطاقة النارية الشيطانية الزرقاء تحيط بهم بصفة مستمرة في الدنيا نتيجة لشرورهم وأعمالهم الفاسدة الغير سوية، قال تعالي :

هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (الشعراء:221-222)

وهذه الشجرة التي أكل منها آدم غير الشجرة الملعونة في القرآن والتي اعتبرها المولي عز وجل فتنة لنا في قوله تعالي:

وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيراً (الاسراء:60)

فالرؤيا التي رآها النبي كانت فتنة والشجرة الملعونة في القرآن كانت فتنة للبشر أيضا، وهذا الموضوع شرحته تفصيلياً بكتاب "البوابات النجميه والخطة الشيطانية للإحاطة بالكرة الأرضية والناس"، فهذه الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم النارية التي خلق منها الشياطين وكل الأشياء النارية في الكون وهي النقيض أو المضاد أو المعادل والمكافئ العكسي أو الزوج السالب للشجرة النورانية الزيتونة المباركة الإيجابية أو الموجبة، فمن كل شيء خلق الله زوجين أو نقيضين.

فالشياطين فتنة للبشر والبشر فتنة للشياطين، وقد حدث تزاوج وتناسل بين الشياطين ونساء من نسل قابيل كما جاء ببعض الروايات الإسلامية ونصوص توراة أهل الكتاب، ومن هذا التزاوج جاء نسل العماليق قبل الطوفان فأباد الله معظم بذرة هذا النسل بالطوفان ولم يتبقي منهم بعد الطوفان سوي قوم عاد ثم ثمود والذين أهلك الله معظمهم بعد الطوفان علي ما شرحت تفصيلياً بكتاب "كشف طلاسم والغاز القرون الأولى والدجال".

وهذا التزاوج والاستمتاع والتكاثر بالنسل بين الإنس والشياطين جاء ذكره في قوله تعالى:

وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (129) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ (130) ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) (الأنعام)

وللمزيد من التفاصيل راجع كتابنا (أسرار الحج والأنعام والهالة النورانية"

وجميع كتبي يمكن تحميلها من الرابط التالي:

https://heshamkamal.blogspot.com/2023/05/normal-0-false-false-false-en-us-x-none.html