الخميس، 19 سبتمبر 2024

أمم الحِن والبن والنسناس والجن الذين سكنوا الأرض قبل البشر

 أمم الحِن والبن والنسناس والجن الذين سكنوا الأرض قبل البشر

هشام كمال عبد الحميد

قبل أن يخلق الله عز وجل ادم كخليفة في الأرض كانت هذه الأرض مأوي لأمم آخرين، وقد اختلفت الروايات الإسلامية في أسماء هذه الأمم، فمنها ما ذكر أنهم الجن فقط، ومنها ما أضاف إليهم أمم أخري هي الحِن والبن والهن والنسناس ويأجوج ومأجوج.

ويجب ألا يغيب عن أذهاننا أن من معاني كلمة الجن الستر، فجاء بلسان العرب مادة جنن: جَنَّ الشيءَ يَجُنُّه جَنّاً: سَتَره. وكلُّ شيء سُتر عنك فقد جُنَّ عنك.

فالجن تعم جنس الجن المخلوق من النار المنتمي إليهم إبليس والشياطين، وتعني أيضاً كل المخلوقات المستورة عنا ولا نراها كيأجوج ومأجوج وغيرهم، وقد يكون هذا هو مقصد بعض المفسرين الذين حصروا الأمم التي وجدت علي الأرض قبل خلق جنس البشر في الجن.

وجاء بكتب المفسرين وبعض الأحاديث المنسوبة للنبي صلي الله عليه وسلم وبسندها ضعف وطعون أن الأمم التي كانت قبل آدم أفناها الله تماماً ولم يتبقى منها سوي الجن، وهذا كلام ليس عليه أي دليل من القرآن وفيه الكثير من النظر، فلم يثبت صحة هذه المقولة لأن القرآن لم يشر إلي فناء كل الأمم التي سكنت الأرض قبل خلق آدم بل أكد أن الجن ويأجوج ومأجوج من الأمم التي لم تفني ولها أجل معلوم في يوم الوعد الحق أو اليوم المعلوم.

ذكر ابن كثير في البداية والنهاية الجزء الأول :

قال عبد الله بن عمر وابن عباس وكثير من علماء التفسير: خُلقت الجن قبل آدم عليه السلام بألفي عام، وكان قبلهم تعيش في الأرض البِنُّ والحِنُّ، فسلّط الله الجن عليهم فقتلوهم وأجلوهم عنها وأبادوهم منها وسكنوها بعدهم، وبسبب ما أحدثوا من سفك الدماء (يقصدون الجن)، بعث الله إليهم جنداً من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور.....

وروي عن أبي جعفر قال : سئل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه هل كان في الأرض خلق من خلق الله تعالى يعبدون الله قبل آدم عليه السلام وذرّيته ؟ فقال :

نعم قد كان في السّماوات والأرض خلق من خلق الله يقدّسون الله ويسبّحونه ويعظّمونه باللّيل والنّهار لا يفترون، وأنّ الله عزّ وجلّ لمّا خلق الأراضين خلقها قبل السماوات ثم خلق الملائكة روحانيّين لهم أجنحة يطيرون بها حيث يشاء الله، فأسكنهم فيما بين أطباق السّماوات يقدّسونه في اللّيل والنّهار واصطفى منهم إسرافيل وميكائيل وجبرائيل.

ثم خلق عزّ وجّل في الأرض الجنّ روحانيين لهم أجنحة، فخلقهم دون خلق الملائكة، وخصهم أن يبلغوا مبلغ الملائكة في الطيران وغير ذلك، فأسكنهم فيما بين أطباق الأراضين السّبع وفوقهنّ يقدّسون الله اللّيل والنّهار لا يفترون.

ثم خلق خلقاً دونهم لهم أبدان وأرواح بغير أجنحة، يأكلون ويشربون نسناس أشباه خلقهم وليسوا بإنس، وأسكنهم أوساط الأرض على ظهر الأرض مع الجن يقدّسون الله اللّيل والنّهار لا يفترون .

قال : وكان الجن تطير في السّماء، فتلقى الملائكة في السّماوات فيسلمون عليهم ويزورونهم ويستريحون إليهم ويتعلّمون منهم الخير.

ثمّ أنّ طائفة من الجن والنّسناس الّذين خلقهم الله وأسكنهم أوساط الأرض مع الجن تمرّدوا وعتوا عن أمر الله، فمرحوا وبغوا في الأرض بغير الحقّ، وعلا بعضهم على بعض في العتوّ على الله تعالى، حتّى سفكوا الدماء فيما بينهم وأظهروا الفساد وجحدوا ربوبيّة الله تعالى.

قال : وأقامت الطائفة المطيعون من الجن على رضوان الله تعالى وطاعته، وباينوا الطايفتين من الجن والنسناس اللّذين عتوا عن أمر الله. قال : فحط الله أجنحة الطائفة من الجنّ الّذين عتوا عن أمر الله وتمرّدوا، فكانوا لا يقدرون على الطّيران إلى السّماء وإلى ملاقاة الملائكة لما ارتكبوا من الذّنوب والمعاصي وكانت الطائفة المطيعة لأمر الله من الجنّ تطير إلى السّماء اللّيل والنّهار على ما كانت عليه، وكان إبليس واسمه الحارث يظهر للملائكة أنه من الطائفة المطيعة.

ثم خلق الله تعالى خلقاً على خلاف خلق الملائكة وعلى خلاف خلق الجن وعلى خلاف خلق النسّناس يدبّون كما يدبّ الهوام في الأرض يشربون ويأكلون كما تأكل الأنعام من مراعي الأرض، كلّهم ذكران ليس فيهم إناث، ولم يجعل الله فيهم شهوة النّساء ولا حبّ الأولاد ولا الحرص ولا طول الأمل ولا لذّة عيش، لا يلبسهم اللّيل ولا يغشاهم النّهار، وليسوا ببهائم ولا هوام ولباسهم ورق الشجر، وشربهم من العيون الغزار والأودية الكبار.

ثم أراد الله يفرقهم فرقتين، فجعل فرقة خلف مطلع الشّمس من وراء البحر، فكوّن لهم مدينة أنشأها لهم تسمّى « جابرسا » طولها اثنا عشر ألف فرسخ في اثنى عشر ألف فرسخ، وكوّن عليها سوراً من حديد يقطع الأرض إلى السّماء، ثمّ أسكنهم فيها. وأسكن الفرقة الأخرى خلف مغرب الشمس من وراء البحر، وذول لهم مدينة أنشاها تسمّى « جابلقا » طولها اثنا عشر ألف فرسخ في اثني عشر ألف فرسخ، وكوّن لهم سوراً من حديد يقطع إلى السماء، فأسكن الفرقة الأخرى فيها، لا يعلم أهل جابرسا بموضع أهل جابلقا، ولا يعلم أهل جابلقا بموضع أهل جابرسا، ولا يعلم بهم أهل أوساط الأرض من الجنّ والنّسناس.

وكانت الشّمس تطلع على أهل أوساط الأرض من الجنّ والنّسناس، فينتفعون بحرّها ويستضيئون بنورها، ثمّ تغرب في عين حمئة، فلا يعلم بها أهل جابلقا اذا غربت ولا يعلم بها أهل جابرسا اذا طلعت، لأنّها تطلع من دون جابرسا، وتغرب من دون جابلقا.

فقيل يا أمير المؤمنين : فكيف يبصرون ويحيوُن ؟ وكيف يأكلون ويشربون ؟ وليس تطلع الشّمس عليهم ؟ فقال : أنّهم يستضيئون بنور الله، فهم في أشدّ ضوء من نور الشّمس، ولا يرون أن الله تعالى خلق شمساً ولا قمراً ولا نجوماً ولا كواكب، ولا يعرفون شيئاً غيره.

فقيل يا أمير المؤمنين : فأين ابليس عنهم ؟ قال : لا يعرفون ابليس ولا سمعوا بذكره، لا يعرفون إلاّ الله وحده لا شريك له، لم يكتسب أحد منهم قطّ خطيئة ولم يقترف اثماً لا يسقمون ولا يهرمون ولا يموتون، يعبدون الله إلى يوم القيامة لا يفترون، الليل والنهار عندهم سواء.

قال : إنّ الله أحبّ أن يخلق خلقاً، وذلك بعد ما مضى من الجن والنّسناس سبعة آلاف سنة، فلمّا كان من خلق الله أن يخلق آدم للّذي أراد من التّدبير والتّقدير فيما هو مكوّنه من السماوات والأراضين كشف عن أطباق السّماوات. ثم قال للملائكة : انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجنّ والنّسناس هل ترضون أعمالهم وطاعتهم لي ؟ فاطلعت الملائكة ورأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدّماء والفساد في الأرض بغير الحقّ، فأعظموا ذلك وغضبوا لله ، وأسفوا على أهل الأرض، ولم يملكوا غضبهم وقالوا : ربّنا أنت العزيز الجبّار الظّاهر العظيم الشّأن وهؤلاء كلّهم خلقك الضعيف الذليل في أرضك، كلّهم ينقلبون في قبضتك، ويعيشون برزقك ويتمتّعون بعافيتك، وهم يعصونك بمثل هذه الذّنوب العظام لا تغضب ولا تنتقم منهم لنفسك بما تسمع منهم وترى وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك.

قال : فلمّا سمع الله تعالى مقالة الملائكة قال : إنّي جاعل في الأرض خليفة فيكون حجّتي على خلقي في الأرض، فقالت الملائكة : سبحانك ربّنا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك ؟فقال الله تعالى : يا ملائكتي إني أعلم ما لا تعلمون أنّي أخلق خلقاً بيدي أجعلهم خلفائي على خلقي في أرضي، ينهونهم عن معصيتي، وينذرونهم ويهدونهم الى طاعتي، ويسلكون بهم طريق سبيلي، أجعلهم حجّة لي عذراً ونذراً وأنفي الشّياطين من أرضي وأطهّرها منهم ، فأسكنهم في الهواء من أقطار الأرض وفي الفيافي، فلا يراهم خلقي، ولا يرون شخصهم، ولا يجالسونهم، ولا يخالطونهم، ولا يؤاكلونهم، ولا يشاربونهم، وأنفرّ مردة الجنّ العصاة عن نسل بريّتي وخلقي وخيرتي، فلا يجاورون خلقي، وأجعل بين خلقي وبين الجانّ حجاباً، فلا يرى خلقي شخص الجنّ، ولا يجالسونهم، ولا يشاربونهم، ولا يتهجّمون تهجّمهم، ومن عصاني من نسل خلقي الّذي عظّمته واصطفيته لغيبي أسكنهم مساكن العصاة وأوردهم موردهم ولا أبالي .

فقال الملائكة : لا علم لنا ألاّ ما علّمتنا انّك أنت العليم الحكيم، فقال للملائكة : إني خالق بشراً من صلصال من حماء مسنون فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين قال : وكان ذلك من الله تقدمة للملائكة قبل أن يخلقه احتجاجاً منه عليهم، وما كان الله ليغيّر ما بقوم إلاّ بعد الحجّة عذرا أو نذراً، فأمر تبارك ملكاً من الملائكة، فاغترف غرفة بيمينه ، فصلصلها في كفّه فجمدت، فقال الله عزّ وجلّ : منك أخلق. (انتهت الرواية المنقولة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه).

إن هذا الحديث الوارد عن علي رضي الله عنه (إن صحت هذه الرواية الهامة) يصف كل خلائق الله بملكوت أرضة من الذين سكنوا فيها قبلنا، لكن بالرواية أشياء غير صحيحة كالقول بأن الجن والنسناس سفكوا الدماء فيما بينهم، ومعلوم أن الجن ذوي أجسام نارية وليس لهم دم أو لحم، إلا إذا كان المقصود أنهم كانوا متجسدين في هذه المرحلة الزمنية في صورة تشبه الصورة الآدمية فكان لهم لحم ودم، وقد جاء بهذه الرواية أن الله جعل بهذه الأرض أربعة أجناس وهم الملائكة والجن والنسناس وأهل مدينتي جابلقا وجابرسا الذين لا يرون النجوم والكواكب وعندهم ضوء يلتمسه الله لهم من غير ضوء الشمس ولا القمر.

وهناك روايات أخري نصت أن أهل جابرسا وحبلقا من المؤمنين من بقايا قوم عاد وثمود، نذكر منها هذه الرواية:

قال ابن جرير الطبري في كتابه : (قصص الأنبياء) تحت عنوان : (القول في الليل والنهار أيهما خلق قبل صاحبه، وفي بدء خلق الشمس والقمر وصفتهما) ما نصه: (قال النبي صلي الله عليه وسلم: .....إن الله عز وجل خلق مدينتين إحداهما : بالمشرق والأخرى : بالمغرب . أهل المدينة التي بالمشرق من بقايا عاد من نسل مؤمنيهم ، وأهل التي بالمغرب من بقايا ثمود من نسل الذين آمنوا بصالح . اسم التي بالمشرق بالسريانية (مرقيسيا) وبالعربية (جابلق) واسم التي بالمغرب بالسريانية (برجيسيا) وبالعربية (جابرس) ، ولكل مدينة منهما عشرة آلاف باب ما بين كل بابين فرسخ، ينوب كل يوم علي كل باب من أبواب هاتين المدينتين عشرة آلاف رجل من الحراسة عليهم السلاح لا تنوبهم الحراسة بعد ذلك إلي يوم ينفخ في الصور . فوالذي نفس محمد بيده لولا كثرة هؤلاء القوم وضجيج أصواتهم لسمع الناس من جميع أهل الدنيا هدة وقعة الشمس حين تطلع وحين تغرب ، ومن وراءهم ثلاث أمم : منسك ، وتافيل ، وتاريس ، ومن دونهم يأجوج ومأجوج ، وإن جبريل - عليه السلام - انطلق بي إليهم ليلة أسري بي من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى فدعوت يأجوج ومأجوج إلي عبادة الله عز وجل فأبوا أن يجيبوني ، ثم انتقل بي إلي أهل المدينتين فدعوتهم إلي دين الله عز وجل وإلي عبادته فأجابوا وأنابوا فهم في الدين إخواننا من أحسن منهم فهو مع محسنكم ، ومن أساء منهم فأولئك مع المسيئين منكم ثم انطلق بي إلي الأمم الثلاث - منسك ، وتافيل ، وتاريس - فدعوتهم إلي دين الله وإلي عبادته فأنكروا ما دعوتهم إليه فكفروا بالله عز وجل وكذبوا رسله فهم مع يأجوج ومأجوج وسائر من عصى الله في النار .

وبناء علي ما جاء بكتب المفسرين والتراث الإسلامي يمكن أن نستنتج : انه كان يسكن الأرض قبل خلق عالم الجن والإنس مخلوقات تسمي الحِنُّ والبِنُّ والنسناس، وهؤلاء أفسدوا في الأرض فسلط الله الجن عليهم فأبادوهم عنها وأجلوهم منها وسكنوا الأرض بدلاً منهم، وهذا يعني أن الحِنُّ والبِنُّ والنسناس وأهل جابلقا وجابرسا هي مخلوقات مختلفة في طبيعتها عن عالم الجن والإنس وعن كل ما نعرفه من كائنات حيه تعيش علي سطح الأرض، وهي قريبة الشبه من البشر من حيث الخلقة وان لهم دماء وأن الله أمر الجن بقتلهم وإبادتهم وطردهم من الأرض لآن الجن اقوي منهم من حيث الخلقة ولهم قدرات اكبر منهم كالتخفي والطيران والغوص .. الخ.

ومما لا شك فيه طبقاً لما جاء بآيات القرآن الكريم أن هناك أمم كانت علي الأرض قبل خلق آدم ولا تنتمي لجنس الجن المخلوقون من النار، ويستدل علي ذلك من قوله تعالى :

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (البقرة : 30 ).

هذه الآية الكريمة تبين لنا أن هناك مخلوقات قبل أدم سفكت الدماء علي الأرض وكثير من العلماء ذكروا أن من سفك الدماء هم الجن، وهذ خطأ لأن الجن مخلوقون من نار ومن ثم ليس للجن دماء  !!!.

فقول الملائكة أن ذرية آدم ستسير علي درب سابقيهم من الأمم في الفساد في الأرض وسفك الدماء قياساً علي ما شهدوه من فساد هذه الأمم وسفكهم للدماء، يدل علي أن هذه الأمم كان منها ما هو أصل خلقته من الطين مثل آدم وكان لهم أجساد من دم ولحم وروح ونفس،  بخلاف الجن الذين أصل خلقتهم من النار وليس لهم هذه الصفة وأن كان يمكنهم التشكل في صور المخلوقات التي لها لحم ودم.

وهذه الأمم سماهم العرب الحِن والبن وسماهم الفرس الطَمَ والرَمَ وسماهم اليونان التيتان، وكل أمة من جنس البشر كانت تصفهم بصفة أو اسم في لغتهم يدل علي أهم صفاتهم، ومن هنا جاءت الاختلافات في مسمياتهم عند شعوب الأرض.

أما ذكر النسناس فورد في الكثير من كتب التراث، فروى كثير من المؤرخين العرب عن النسناس أن لهم بقايا بالهند واليمن وعمان في زمنهم السالف، ومن العلماء الذين ذكروا النسناس : الطبري، ونسابة العرب الأقدم ابن دغفل، وإمام أهل المغازي والسير ابن إسحاق، وابن الفقيه الهمداني، وعلامة المؤرخين المسعودي، والحموي في تاريخ البلدان، وابن الأثير في تاريخه، والأزهري في التهذيب، والجوهري في الصحاح، وابن عطاء الله السكندري في تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس، والسيوطي والروياني، وابن منظور في لسان العرب، والفيروز آبادي في القاموس، والزبيدي في تاج العروس وغيرهم.

حيث روى المسعودي في مروج الذهب : ان شبيب بن شيبة التميمي قال : قدمت الشحر فنزلت على رأسها، فتذاكرنا النسناس، فقال : صيدوا لنا منها . فلما أن رجعت إليه مع بعض أعوانه المهريين إذا أنا بنسناس منها ، فقال لي النسناس : أنا بالله وبك فقلت لهم خلوه، فخلوه، فلما حضر الغداء قال : هل اصطدتم منها شيئا ؟ قالوا : نعم، ولكن خلاه ضيفك ! قال : استعدوا فاءنا خارجون في قنصه، فلما خرجنا إلى ذلك في السحر، خرج واحد منها يعدو وله وجه كوجه الإنسان، وشعرات في ذقنه ومثل الثدي في صدره، ومثل رجلي الإنسان رجلاه، وقد ألظ به كلبان...

وجاء في نهاية اللغة، والقاموس المحيط، والتاج في لغة النسناس أنه قال : لكل منهم يد ورجل من شق واحد ينقزون كما ينقز الطائر، ويرعون كما ترعى البهائم. وقد كان المتوكل العباسي في بدء خلافته سأل حنين بن إسحاق أن يتأتى له في حمل أشخاص من النسناس والعربد، فلم يسلم منهم إلى سر من رأى إلا اثنان من النسناس. وهذا يعني بان بقايا النسناس عاشت حتى زمن قريب بزمن المتوكل العباسي.

فالأساطير الموجودة بكتب التراث الإسلامي، والكتب والنصوص والآثار الإغريقية والسومرية والبابلية والفرعونية والهندية والإنكيه والصينية وغيرها عن الآلهة وأنصاف الآلهة وأبناء الآلهة والأمم العماليق ذو الأشكال المرعبة الذين عمروا الأرض قبل آدم وبعضهم أتي من كواكب أخري أو من الفضاء الخارجي، وعلموا الجنس البشري بعض العلوم السحرية والفلكية والميتافيزيقية، ما هي إلا قصص عن الملائكة وحضارات سادت من أمم ما قبل خلق آدم وأمم النسل الهجين بين الإنس والجن، فمن الواضح أن هذه القصص لم تأتي من فراغ. فهي إما قصص حقيقة عن عالم الحِن والبن أو قصص عن عالم الجن قبل نزول أدم عليه السلام.

وللمزيد من التفاصيل راجع كتابنا "كشف طلاسم وألغاز القرون الأولى والدجال وأبراج النمرود وغواصة وطوفان نوح والمركبات الفضائية لسليمان" والكتاب متاح للتحميل بهذه المدونة