كشف طلاسم وألغاز الأشياء المقسم بها ببدايات سورتي النازعات والعاديات
هشام كمال عبد الحميد
والآن سنستكمل معكم باقي السور المشابهة لسورة الصافات والمرسلات والذاريات فنوضح لكم بعض أسرار الأشياء المقسم بها ببدايات سورتي النازعات والعاديات.
قال تعالى:
وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً (1) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً (2) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً (3) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً (4) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً (5) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9) يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً (11) قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ (14) هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى (26) أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33) فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى (36) فَأَمَّا مَن طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) (النازعات)
ولتحديد الخمسة المقسم بهم أو الموصوفون في بداية السورة لا بد أن نعرف موضوع سورة النازعات، فالموضوع الأساسي للسورة هو يوم الساعة أو الطامة الكبري، وتكذيب المكذبين للبعث بعد أن يكونوا عظاماً نخرة وتدخل نفوسهم لعالم البرزخ، فيبعثوا ويردوا في الحافرة، عندما تقع الزجرة الواحدة أو النفخ في الصور نفخة واحدة هي نفخة البعث فيكونوا بالساهرة.
وبالتالي فـ "النازعات غرقاً" هي أنفس الكافرين أو أصحاب المشأمة أو أصحاب الشمال الذين يتلقون كتابهم بشمالهم، وهي الأنفس التي تنزعها ملائكة الموت عند الوفاة بشدة وقوة لأن النزع هو الجذب بشدة وقوة، ثم تذهب بها إلي عالم برزخ الكفار فتغرقها في حفر ومستنقعات قذرة تناسب طبيعتهم (أي بالوعات مجاري بعالم البرزخ)، ثم تقوم بعد النفخ في الصور بانتزاعها مرة أخري من هذه المستنقعات وتردها في كرة أخري خاسرة إلي حفر نارية جديدة في جهنم بعد الحشر، وهذا معني مردودون في الحافرة التي قالها الكفار بقولهم: " يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً (11) قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)".
أما "الساهرة" فهي أرض الحشر التي سيحشر فيها الجميع بعد نفخة البعث والجمع، وستنزل أو تزلف بها جنة المأوى من السماء ("وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (الشعراء:90)")،
وعندها ستبرز الجحيم للغاوين من باطن الأرض ("وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (الشعراء:91)"، والساهرة هي أرض الوادي المقدس طوى بمكة، لذا جاء بعد ذكر الساهرة مباشرة قوله تعالي: "هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)" ليلفت المولي عز وجل نظرنا إلي أن الساهرة هي الوادي المقدس طوى. وقد سميت بالساهرة لوجود الساهرون بها وهم عباد وجند الله الذين لا نراهم من حراس البيت الحرام الساهرون لا ينامون لأنهم يسبحون الله بالغدو والآصال ولا يلهيهم بيع أو تجارة عن ذكر الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وهم من جاء ذكرهم بعد آية الشجرة النورانية الزيتونة المباركة المذكورة بسورة النور، والتي تسقط كما شرحت بكتبي ومقالات سابقة بالوادي المقدس طوى بمكة، قال تعالى:
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) (النور)
وقد شرحت سابقاً أن وادى طوى الواقع عند بيت الله المقدس أو الحرام سمي بذلك لأنه من عنده ستطوى السماء والأرض علي ما جاء ببعض نصوص سفر أخنوخ علي لسان النبي إدريس (أخنوخ). فهذا الوادي كان أول بقعة نشأة علي الأرض من اليابسة ومن عنده ستبدأ أحداث طي السماء كطي السجل للكتب ليعيد الله أول خلق كما بدأه أول مرة في يوم الساعة والحشر مصداقاً لقوله تعالى:
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) (الأنبياء)
أما الناشطات نشطاً فهي انفس أصحاب الميمنة أو أصحاب اليمين الذين يتلقون كتابهم بيمينهم، وتنزع الملائكة أرواحهم برفق ولين لأن النشط هو الجذب بلين ورفق، ومن معاني الناشط في اللغة: طيب النفس والعمل وكثير النشاط. وهؤلاء تكون أنفسهم نشطة متحركة بحرية في أراضي جنان عالم البرزخ ولكنها لا تسبح أو تطير في سماء هذه الجنان.
أما "السابحات سبحاً فالسابقات سبقاً" فهي أنفس السابقون المقربون من الله وهم عباد الله المخلصين، وهؤلاء تسبح أنفسهم في سماء عالم البرزخ فهم السابحات سبحاً، وعند قيام الساعة وبعد البعث تأخذهم الملائكة ويدخلونهم الجنة قبل غيرهم وبهذا تكون أنفسهم السابقات للجميع في دخول الجنة. والملائكة الذين يرعونهم في عالم البرزخ وجنات الآخرة يسمون أيضاً السابقات سبقاً، أي الذين لا يسبقهم أحد أي لا يعجزهم أحد في فعل شيء ولا يفوز عليهم أحد.
وقد جاء ذكر أصحاب هذه الأنفس الثلاثة في سورة الواقعة والحاقة في قوله تعالى:
إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً (5) فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثّاً (6) وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ (14) وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ (30) وَمَاء مَّسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً (36) عُرُباً أَتْرَاباً (37) لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ (40) وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ (43) لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (50) (الواقعة)
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ (37) (الحاقة)
وأما "المدبرات أمراً" فهم أصحاب الأمر أو السلطان الإلهي الذين سيسيرون جميع أحداث الساعة والبعث والحشر والحساب ويخضع السابقات سبقاً من الملائكة لرئاستهم، قال مقاتل في المدبرات أمراً: هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليهم السلام يدبرون أمر الله تعالى في أهل الأرض، وهم المقسمات أمرا، أما جبريل فوكل بالرياح والجنود، وأما ميكائيل فوكل بالقطر والنبات، وأما ملك الموت فوكل بقبض الأنفس، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم، وقوم منهم موكلون بحفظ بني آدم، وقوم آخرون بكتابة أعمالهم، وقوم آخرون بالخسف والمسخ والرياح والسحاب والأمطار.
والمدبرات أمراً هم أيضاً الموكل إليهم بأمر وإذن من الله عمليات الخلق أو الإنشاء والتكوين والإحياء والبعث لجميع المخلوقات، والذين يرأسهم جبريل وهو روح الله الذي ينفخ نفخة الحياة في جميع المخلوقات علي ما شرحنا بالمقالات السابقة، وهؤلاء ما هم بعاجزين (أي ما هم بمسبوقين) عن عمليات الخلق الأول لأبداننا (النشأة الأولي) أو إعادة إنشاء أبدان جديدة لنا (تحل وتسكن فيها أنفسنا) في كل مرحلة من مراحل الخلق والبعث أو الحياة والموت بالحياة الدنيا وحياة البرزخ أو الحيوات الأخرى السابقة أو اللاحقة لهذه الحياة الدنيا.
وعندما يحدثنا الله عن عملية خلقنا وبعثنا يستخدم صيغة الجمع ليشير إلي هؤلاء المدبرون للأمور وشئون الخلق بأمره وإذنه، ويتضح ذلك من قوله نعالى:
نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ (58) أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ (62) (الواقعة)
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (العنكبوت:20)
وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (45) مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47) (النجم)
فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) (المعارج)
سورة العاديات
قال تعالى:
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (5) إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ (11) (العاديات).
ومعني العاديات أي التي تجري وتعدو بسرعات فائقة
ومعني ضبحاً أي التي تحدث صوت أو يكون لها صياح
والموريات قدحاً أي التي تقدح الشيئ فتشعل به ناراً
والمغيرات صبحا أي التي تغير وتهجم في الصباح
فاثرن به نقعاً : أي هيجن به التراب أو أثاروا به الغبار لأن النقع الغبار والنقع أيضا الصياح
فوسطن به جمعاً أي ساروا به في وسط الجمع أو الجموع.
فالعاديات ضبحاً في الغالب هي نفسها الجاريات يسراً، أي الريح التي يحركها أو يرسلها الملائكة التابعين لأصحاب الأمر أو المدبرات أمراً، أو الطير الأبابيل التي تحمل الحجارة من سجيل وأنواع أخري من العذاب، فتشتعل هذه الحجارة عند احتكاكها بالغلاف الجوى فتصبح موريات قدحاً، أي توري أو تشعل النار، ويكون لها ضبحاً أو نقعاً أي صوتاً شديداً أو صيحة، وتصل دائماً إلي القوم الذين ستهلكهم صباحاً فتصبح هي المغيرات صبحاً، وتلقي هذه الريح أو الطير الأبابيل بحجارتها وزوابعها وغبارها الذري.....الخ في وسط هؤلاء القوم.
وبالقرآن ذكر أن كل العذاب والصيحات التي وقعت بالأمم السابقة كانت تأتيهم صباحاً أو مشرقين أي عند شروق الشمس في الصباح، وكذلك العذاب أو الصيحة أو الصاعقة المنذر بها أهل الأرض الآن ستأتيهم صباحاً مصداقاً لقوله تعالي:
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ (177) (الصافات)
وقال تعالي عن صيحة قوم ثمود (أصحاب الحجر):
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) (الحجر)
وقال تعالي عن صيحة قوم لوط:
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً
مِّن سِجِّيلٍ (74) (الحجر)
وللمزيد من التفاصيل راجع الفصل السادس من كتابنا "قراءة عصرية لأحداث الساعة وأهوال القيامة بالقرآن والكتب السماوية"
وجميع كتبي يمكن تحميلها من الرابط التالي:
https://heshamkamal.blogspot.com/.../normal-0-false-false...