الخميس، 10 أكتوبر 2024

هل كان تابوت السكينة جهاز نظائر مشعة من صنع الله يولد أشعة تدميرية وينتج المن والسلوى والماء من الهواء ويعرض صور الفيديوهات الموجودة بألواح التوراة

هل كان تابوت السكينة جهاز نظائر مشعة من صنع الله يولد أشعة تدميرية وينتج المن والسلوى والماء من الهواء ويعرض صور الفيديوهات الموجودة بألواح التوراة

هشام كمال عبد الحميد

وردت قصة التابوت في القرآن الكريم في سورة البقرة في قصة طالوت وداود وجالوت، وجاء بالقرآن عن هذا التابوت أن فيه سكينة لبني إسرائيل وبقية مما ترك آل هارون وموسى، أي نسبت السكينة للتابوت نفسه وليس لأي شيء آخر كالملائكة، وأكد القرآن أن هذا التابوت أتي به الملائكة أي جاءوا به من السماء، وقد جاء ببعض الروايات الإسلامية أن التابوت رفعه الله وأخذه من بني إسرائيل بعد غضبه عليهم في عصر موسي وأنه رفع للسماء ووضع عند البيت المعمور بالسماء.

 فما هي السكينة وبقية ما تركه آل هارون وموسى بداخل التابوت ؟؟؟؟؟.

 السكينة بالقرآن جاءت مرتبطة بآيات الجهاد والقتال، وهي الطمأنينة وتثبيت الأقدام وتحقيق النصر بطريقة ما، وهي تنزل من عند الله علي المؤمنين قبل القتال، وتعتبر أحدي جنود الله في تحقيق النصر، وهو ما يشير إلي أنها قد تكون ملائكة أو جنود من جنود الله يقاتلون مع المؤمنين كما جاء ذلك صراحة بآيات أخري، فهم يقاتلون قتال فعلي مع المؤمنين دون أن يروهم، فيضربون الكافرين فوق أعناقهم، ويبدو أن هذه الضربة فوق العنق تفقد الكافرين توازنهم أو تشل حركة وجوههم فلا يستطيعوا الالتفات علي الجانبين أو للخلف، ويضربون أصابعهم فيصيبوها بالشلل فلا يستطيعون حمل سلاحهم فيسهل قتلهم، كما جاء ذكر السكينة أيضاً في آية الغار عندما خرج النبي من مكة وأختبأ بالغار فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم يراها الكافرون.

 والسكينة وردت في القرآن في ست آيات بثلاث سور هي الفتح والتوبة والبقرة، وجاءت بآيتين منهما معرفة بالألف واللام (السكينة) وفي ثلاث آيات منسوبة لله (سكينته) وفي آية واحدة بدون تعريف (سكينة)، وفي خمس آيات من الآيات الست إشارات إلي أن السكينة تتنزل من الله، وفي جميع الآيات الست ارتبطت السكينة بالملائكة أو بجنود الله بالسماوات والأرض الذين لا نراهم بأعيننا عند تنزلهم. وفيما يلي نص هذه الآيات:

 1.  وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (البقرة:248)

2.  ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (التوبة:26)

3.  إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (التوبة:40)

4.  هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (الفتح:4)

5.  لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18) (الفتح)

6.  إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (26) (الفتح)

 وبعيداً عن أقوال المفسرين من السنة والشيعة في تفسير السكينة بأنها الطمأنينة القلبية لأنها لا تعطي تفسير لكيف كانت هذه السكينة مودعة بتابوت العهد ويتم الانتصار بها، نخلص بأول قاعدة تتعلق بالسكينة من الآيات السابقة في الآتي:

 1.  خمس آيات من الآيات المذكور بها السكينة واردة في سورة الفتح والتوبة وهما سورتان نزلتا بعد فتح مكة ومعظم آياتهما كانت تتعلق بالأحداث السابقة واللاحقة لهذا الفتح ومعركة الفتح باستثناء آية نزول السكينة في الغار وهي كانت متعلقة بحادثة هجرة النبي صلي الله عليه وسلم من مكة.

 2.  أما آية سورة البقرة فكانت متعلقة بالسكينة التي كانت مودعة بتابوت العهد الذي حملته الملائكة وأتت به لبني إسرائيل كآية لتولية الله لطالوت عليهم ملكاً عندما جهز منهم جيشاً لفتح مكة (الأرض المقدسة) وتحريرها من أيدي العماليق الكنعانيين، وكان ضمن قادة جنوده النبي داود وتم لهم فتح مكة بهذا التابوت وما يحتويه من آيات.

 أذن القاعدة الأولي التي نستنتجها من هذه الآيات الوارد بها السكينة هي أن السكينة لا تتنزل إلا في الأرض المقدسة (وتحديداً في وادي طوي المقدس) عند البيت الحرام وفي معارك تحرير وفتح وتطهير مكة، ودائماً ما ترتبط هذه السكينة بجنود الله الذين لا نراهم وبالملائكة. وتحقيق الانتصار علي المشركين بدون قتال يذكر من الرسل والذين آمنوا معهم، لذا وصف الله هذه السكينة بأنها آية من آياته للمؤمنين.

 والآن سنلقي الضوء علي بعض ما قيل عن السكينة التي كانت بتابوت العهد لنعرف كنهها وطبيعتها:

 تابوت بني إسرائيل في الموروثات الإسلامية

 تقول الروايات المروية في كتب التفسير والتراث الإسلامية وجميعها روايات غير موثقة وبها الكثير من الأساطير أن الله تعالى أنـزل تابوتا على آدم فيه صورة الأنبياء عليهم السلام، وكان من عود الشمشاذ نحوا من ثلاثة أذرع في ذراعين، فكان عند آدم إلى أن مات ثم بعد ذلك عند شيث ثم توارثها أولاد آدم إلى أن بلغ إبراهيم، ثم كان عند إسماعيل لأنه كان أكبر ولده ثم عند يعقوب ثم كان في بني إسرائيل إلى أن وصل إلى موسى فكان موسى يضع فيه التوراة ومتاعا من متاعه، فكان عنده إلى أن مات موسى عليه السلام، ثم تداولته أنبياء بني إسرائيل إلى وقت صموئيل وكان فيه ذكر الله تعالى (فيه سكينه من ربكم) وقد اختلفوا في السكينة ما هي.

جاء بلسان العرب في مادة سكن عن علي بن أبي طالب في سكينة التابوت أنها: ريح خجوج هفافة لها رأسان ووجه كوجه الإنسان. ومعني خجوج أي شديدة تلتوي في هبوبها. ومعني هفافة أي رقيقة شفافة سريعة السير.

  وجاء في لسان العرب في مادة خجج عن السكينة: روى الأَزهري بإِسناده عن خالد بن عروة قال: سمعت عليّاً عليه السلام وذكر بناء الكعبة فقال: إِن إِبراهيم حين أَمر ببناء البيت ضاق به ذرعاً، قال: فبعث الله إِليه السكينة وهي ريح خجوج لها رأْس فتطوَّقت بالبيت كطوق الحَجَفَةِ، ثم استقرَّت، قال: فبنى إِبراهيم حين استقرّت، فجعل إسماعيل يناوله الحجارة، فلما انتهى إِلى موضع الحِجْر أَعيا إسماعيل فأَتى إِبراهيم بالحِجْرِ.

وعن مجاهد أنها: شيء يشبه الهرة له رأس كرأس الهرة وذنب كذنب الهرة وله جناحان، وقيل له عينان لهما شعاع وجناحان من زمرد وزبرجد فكانوا إذا سمعوا صوته تيقنوا بالنصر وكانوا إذا خرجوا وضعوا التابوت قدامهم فإذا سار ساروا وإذا وقف وقفوا.

 وجاء في لسان العرب لابن منظور في مادة "سكن" عن السكينة التي كانت بتابوت بني إسرائيل ما يلي: "قال ابن سيده: قالوا إنه كان فيه ميراث الأَنبياء وعصا موسى وعمامة هارون الصفراء، وقيل: إنه كان فيه رأْس كرأْس الهِرِّ إذا صاح كان الظَّفَرُ لبني إسرائيل، وقيل: إن السَّكينة لها رأْس كرأْس الهِرَّة من زَبَرْجَدٍ وياقوت ولها جناحان............وقيل في تفسيرها: إنها حيوان له وجه كوجه الإنسان مُجتَمِع، وسائِرُها خَلْقٌ رَقِيقٌ كالريح والهواء، وقيل: هي صُورة كالهِرَّة كانت معهم في جُيوشهم، فإِذا ظهرت انهزم أَعداؤُهم".

 وجاء بكتب التفسير (ابن كثير علي سبيل المثال) الآتي:

قال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي الأحوص عن علي قال: السكينة لها وجه كوجه الإنسان ثم هي روح هفافة.

 وقال ابن جرير حدثني ابن المثنى حدثنا أبو داود حدثنا شعبة وحماد بن سلمة، وأبو الأحوص كلهم عن سماك عن خالد بن عرعرة عن عليقال: السكينة ريح خجوج ولها رأسان.

وقال مجاهد: لها جناحان وذنب. وقال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه: السكينة رأس هرة ميتة إذا صرخت في التابوت بصراخ هر، أيقنوا بالنصر وجاءهم الفتح.

 وجاء في حديث عمران بن حصين: أنه كان يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوطة فغشيته سحابة فجعلت تدور وتدنو وجعل فرسه ينفر منها فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: تلك السكينة تنزلت للقرآن (تفسير البحر المحيط).

 وعن ابن عباس قال: هي طست من ذهب من الجنة كان يغسل فيه قلوب الأنبياء، وعن وهب بن منبه قال: هي روح من الله يتكلم إذا اختلفوا في شيء تخبرهم ببيان ما يريدون، وقال عطاء بن أبي رباح: هي ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها.

 وقال قتادة والكلبي: السكينة فعيلة من السكون أي طمأنينة من ربكم ففي أي مكان كان التابوت اطمأنوا إليه وسكنوا (وبقيه مما ترك آل موسى وآل هارون) يعني موسى وهارون أنفسهما كان فيه لوحان من التوراة ورضاض الألواح التي تكسرت وكان فيه عصا موسى ونعلاه وعمامة هارون وعصاه وقفيز من المن الذي كان ينـزل على بني إسرائيل، فكان التابوت عند بني إسرائيل وكانوا إذا اختلفوا في شيء تكلم وحكم بينهم وإذا حضروا القتال قدموه بين أيديهم فيستفتحون به على عدوهم فلما عصوا وفسدوا سلط الله عليهم العمالقة فغلبوهم على التابوت.

 مما سبق وإذا سلمنا بصحة الروايات السابقة عن السكينة وكثير منها أقرب للصحة والقبول يمكننا القول بأن السكينة كانت أحد جنود الله أي هي كائن أو مخلوق يتميز بالآتي:

1.  مخلوق مثل الريح أو السحابة أي كائن هوائي أو موجي أو طاقة نورانية. وله جسم رقيق شفاف.

2.  عندما تنطلق من التابوت يكون لها وجه يشبه وجه الإنسان أو بعض الحيوانات كالهرة مثلاً أو أنها تتفرق وتتوزع إلي مجموعة من الكائنات التي تسير بحركة ملتوية ويكون لها وجوه تشبه وجه الإنسان أو بعض الحيوانات والوحوش.

3.    لها جناحان وهي تنطلق بسرعة كبيرة وتتلوي في سيرها كالثعبان.

4.  بوجهها عينان من زبرجد وياقوت، يصدران شعاعاً وهذا الشعاع في الغالب أشعة ليزر أو أحد الأشعة الأخرى الفتاكة لأن الليزر يتولد من الياقوت الأحمر ومعظم الأشعة تتولد من الأحجار الكريمة.

5.  هذه السكينة تتنزل من السماء وهي مرتبطة دائماً بالبيت الحرام لذا فقد أنزلها الله لسيدنا إبراهيم عند بناءه للبيت الحرام لتعينه علي بناءه. هذا بالإضافة لما سبق وأن أقررناه بالقاعدة الأولي من نزولها عند فتح مكة (أورشليم علي ما أثبت بكتبي) عندما كانت مودعة بتابوت العهد في عصر طالوت وداود، وعند فتح مكة في عصر النبي صلي الله عليه وسلم فحققت النصر في المعركتين بلا قتال هي وجنود الله الموكل لهم حفظ البيت الحرام والأرض المقدسة بمكة كالطير الأبابيل، وغالباً فإنها تتنزل من البوابة الإلهية التي تجلي منها الله لموسي علي أحد جبال طور سنين (سينين من السنا وهو النور  وهي جبال النور بمكة ومنها جبل النور الموجود به غار حراء).

ولا يمنع ذلك أن تكون السكينة التي أنزلها الله علي رسوله والمؤمنين عند مبايعتهم للنبي عند الشجرة في معركة فتح مكة كانت عبارة عن دروع كهرومغناطيسية واقية كانت تغشي وتغلف المؤمنين أو المنطقة المحيطة بهم فلا تمكن الأعداء أو أسلحتهم من الوصول إليهم أو إصابتهم بأي أذي، ولا يمنع أيضاً أن تكون السكينة تقوم بتسليط نوع من الأشعة علي هؤلاء المشركين فتبيدهم، لذا اعتبرها المولي عز وجل آية من آياته للمؤمنين وأمن وأمان وطمأنينة وسكن لهم، فانهزم المشركون بلا قتال من المؤمنين وكف الله أيدي المشركين عن المسلمين وكف أيدي المؤمنين عن المشركين ببطن مكة كما جاء بآيات سورة الفتح السابق عرضها.

وهذا التابوت قد يكون هو نفسه التابوت الذي وضعت فيه أم موسى طفلها موسى وهو وليد وألقته في اليم، وإذا كان هذا الاستنتاج صحيحاً فهو يؤكد ما جاء بالروايات الإسلامية من أن هذا التابوت كان موجوداً بعصر آدم ثم توارثته الأنبياء بعد ذلك، وكان في حوزة أم موسى في هذا العصر، وهذا التابوت قد يكون هو صندوق أوزيريس (هابيل - إسرائيل الحقيقي) الذي جاء ذكره في بعض النقوش والكتابات الفرعونية، وكانوا يسمونه بصندوق العجائب ويستخدمونه في صنع الكثير من الأشياء الخارقة، واستخدموه كما ذكر المسعودي في رفع أحجار الهرم الأكبر والتي أوضحت أنها كانت تتم بالذبذبات الصوتية وإلغاء الجاذبية الأرضية علي ما شرحت تفصيلياً بكتاب "تكنولوجيا الفراعنة والحضارات القديمة"، كما كان يستخدم في الغالب لعرض صور الفيديوهات المخزنة بألواح التوراة المسجل بها أيضاً أحداث وسيرة القرون الأولي في صورة فيديوهات (الألواح أو الديسكات أو الشرائح الإلكترونية للتوراة) اي كان به ما يشبه أجهزة عرض فيديوهات مثل الكميوتر والمحمول واللاب توب والتابلت....الخ، قال تعالى:

 قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) (طه)

 التابوت في العهد القديم

 جاء بالعهد القديم أن الله قد نقش الوصايا العشر على لوحين حجريين وأعطاهما للنبي موسى عليه السلام ولحماية اللوحين والسماح بحملهما، أمر الله موسي أن يصنع التابوت وشرح له كيفية صنعه والمواد التي يصنع منها، فتم صنع وزخرفة صندوق مصنوع من خشب السنطِ بزخارف ذهبية رائعة وكان يبلغ طوله حوالي ثلاثة أقدام ونصف ويزيد عرضه قليلاً على قدمين، و له قطبين معلقان من خلال حلقتين من الذهب على جانبيه. ونقش لاثنين من الملائكة الكروبيون (حملة العرش) فوق قمته، أما غطاء الصندوق فكان يسمى "غطاء التكفير" أو "مقعد الرحمة". وقد رافق الصندوق موسى عليه السلام وبني إسرائيل أثناء سعيهم في لأرض الميعاد، وكان يجلب لهم النصر علي الأعداء أينما ذهبوا. وعندما تم تحرير المدينة المقدسة من العماليق وتطهير البيت المقدس (الكعبة) من أصنامهم بنى الملك سليمان قدس الأقداس أو الهيكل الأول وحفظ فيه الصندوق. ويسمى هذا الصندوق المقدس ﺑ"تابوت العهد".

                                

 صورة تابوت العهد

 وجاء بأسفار العهد القديم أن التابوت كان به الوعاء الذي يحتوي على المن، وعصا هارون التي أفرخت، ولوحا العهد، وكان عليهما وصايا الله العشر المكتوبة بإصبع الله (سفر الخروج 25: 16 ــ 21 ) ثم وضع بجانبه كتاب التوراة (سفر التثنية 31: 26) ومن ثم يسمى التابوت أحياناً تابوت الشهادة (سفر الخروج 25: 16 و 40: 21) ولم يكن وعاء المن وعصا هارون في ملك سليمان (سفر الملوك الأول 8: 9) وفوق الغطاء يظهر السحاب حيث يتراءى الله (لاوين 16: 2 وعدد 7: 89) والصحيح أن الله جل شأنه لم يكن يحل بروحه في هذا الصندوق كما يزعمون ولكن الذي كان يحل فيه غالباً هو الملاك الروح المسمى عند أهل الكتاب بالروح القدس (جبريل)، لكن عقائد التثليث والشرك هي التي دفعت المتطرفين منهم إلي صياغة النصوص والتفاسير بهذه الكيفية التي فيها تطاول علي الذات الإلهية وعدم تنزيه للواحد الأحد تعالي عما يقولون علواً كبيراً.

 وكان في أيام التيه إذا ما رحل العبرانيون في البرية أن التابوت يحمل أمام الشعب ويتقدمه عمود السحاب نهاراً وعمود النار ليلاً.

 وكان إذا حمل التابوت يقولون "قم يا رب فلتتبدد أعداؤك ويهرب مبغضوك من أمامك" وإذا حل التابوت يقولولون أيضاً "ارجع يا رب إلى ربوات ألوف إسرائيل" (عدد 10: 33-36). وعندما عبر العبرانيون الأردن حمل التابوت أمامهم إلى السماء فانشق تيار النهر فوقفت المياه المنحدرة من فوق وعبر الشعب على اليابسة (سفر يشوع 3: 14-17). (انظر المزيد عن هذا الموضوع في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس الكتاب المقدس).

 ثم بقي التابوت مدة في الخيمة في الجلجال وبعد ذلك نقل إلى شيلوه حيث بقي بين 300 أو 400 سنة (ارميا 7: 12-15).

 ولم يكن التابوت موجود في الهيكل الثاني غير أننا لا نعلم هل أخذ عندما نهب البابليون أورشليم أو اختفى ثم فقد. ويوجد تقليد عند الأثيوبيين يفتقر إلى إثبات وهو أن تابوت العهد موجود بأكسوم بأثيوبيا.

 تابوت العهد والإشعاعات الذرية

 يقول العلامة السويسري (ايريخ فون دينيكن) في كتابه "علامات الآلهة". انه قد استرعي اهتمامه ما قرأه عن تابوت بني إسرائيل, فقد قرأ في كتبهم القديمة بأنهم كانوا حريصين على حمل هذا التابوت معهم في كل معركة يخوضونها في حروبهم, وأنهم كانوا ينتصرون (كما يقولون) على أعدائهم طالما كان التابوت معهم في المعركة وبأنهم كانوا ينهزمون إذا لم يكن معهم, وقرأ كذلك بأنهم كانوا يحفظون التابوت في هيكل خاص بنوه لهذا الغرض فوق تلة في مكان بعيد عن الناس، وأن هذا الهيكل كان خاضعاً للحراسة المشددة ليلاً نهاراً وكان دخول الهيكل أو الاقتراب من التابوت يقتصر على الكهنة المكلفين بذلك، وقد استرعى انتباهه الشديد ما قرأه بأن كل من اقترب من التابوت بدون اتخاذ احتياطات معينة يصاب بمرض غريب.

 رأي "ايريخ فون دينيكن" بأن وصف هذا المرض ينطبق تماماً على ما يحصل للإنسان عند التعرض للإشعاعات الذرية الخطيرة والمميتة كما حدث لضحايا القنبلتين النوويتين اللتان ألقت بهما الولايات المتحدة الأمريكية على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين خلال الحرب العالمية الثانية، كما لفت انتباهه كذلك وصف "الطقوس" التي كان الكهنة يتبعونها عند اقترابهم من التابوت والملابس التي كانوا يرتدونها، حيث رأي "ايريخ فون دينيكن" أنها لم تكن سوى احتياطات للوقاية من خطر الإشعاعات النووية.

 فكان واضحاً لـ (ايريخ فون دينيكن) أن ما بداخل التابوت هو مصدر لإشعاعات خطيرة ومميتة فما هو هذا المصدر ومن أين جاء؟؟؟؟

 أخذ المفكر السويسري على عاتقه محاولة حل هذا اللغز ولكنه كما يقول واجهته صعوبات جمة عند دراسته للموضوع، فالكنيسة الكاثوليكية دأبت منذ القدم وحتى الوقت الحاضر على طمس وإخفاء بل والتخلص من كل ما لا يتوافق مع رواياتها الرسمية للأحداث، فكان يبحث عن الكتب والمخطوطات في الأماكن التي لم تصل إليها يد الكنيسة الكاثوليكية، مما اضطره لإتباع أسلوب المحققين في البحث الجنائي عند تحقيقهم في جريمة ما وبحثهم ودراستهم للأدلة التي يعثرون عليها واستخلاص النتائج منها, وبدون الخوض في هذه الأدلة والتفاصيل التي ذكرها في كتابه عن هذا الموضوع فقد توصل إلى ما يلي:

 "لقد كانت العلوم في الزمن القديم متقدمة جداً أكثر بكثير من تقدمها في زمننا هذا, وقد اندثرت هذه العلوم والحضارة التي أنجزتها بسب كارثة حلت بالأرض في الزمن القديم، وقد بقي بعض أثار هذه الحضارة بعد هذه الكارثة، ومنها بعض العلماء القليلين وبعض الآلات التي ذكرت في الكتب القديمة, وما كان بداخل هذا التابوت فهي آلة تستخدم النظائر المشعة لإنتاج المن والسلوى من الهواء, وهى الآلة التي كان يحملها اليهود معهم في ما يشبه التابوت في تيههم الذي دام أربعون عاماً في الصحراء، والتي لولا لطف الله وهذه الآلة لماتوا جوعاً وعطشاً في تلك الصحراء القاحلة، وقد بقيت هذه الآلة يحتفظ بها بنوا إسرائيل في ما يشبه التابوت (ليستطيعوا حملها معهم في حروبهم بسهولة) ويحرصون عليها ويتبركون بها ويبنون لها الهيكل للحفاظ عليها ولمنع الناس من الاقتراب منها حتي يتجنبوا التعرض لإشعاعاتها ".

 وأكيد فان من صنع تلك الآلة قد صنعها من المتانة بحيث تعيش للآلاف السنين فالنظائر المشعة تبقى تشع لآلاف السنين فأين هي هذه الآلة ألان؟؟؟؟

 وللعلم فمعني كلمة تابوت حسب بعض تفسيرات أهل الكتاب هو المحرم أو اللامساس وقد يكون في ذلك إشارة إلي أنه جهاز أشعة مدمرة لا يمسه أحد إلا بضوابط ومحاذير وملابس محددة ووسائل وقاية من الأشعة.

هل فقد تابوت العهد

 إن مصير تابوت العهد هو سؤال قد حيَّر اللاهوتيين ودارسي الكتاب المقدس وعلماء الحفريات لقرون عديدة. ففي السنة الثامنة عشر من ملك يوشيا ملك يهوذا، أمر بإعادة تابوت العهد إلى الهيكل في أورشليم (أخبار الأيام الثاني 35: 1-6؛ ملوك الثاني 23: 21-23). وهذه هي آخر مرة يذكر فيها مكان تابوت العهد في الكتاب المقدس. بعد ذلك بأربعين سنة قام نبوخذ نصر ملك بابل باحتلال أورشليم وأغار على الهيكل. وبعد أقل من عشر سنوات عاد مرة أخرى وأخذ ما تبقى في الهيكل ثم أحرق الهيكل والمدينة. فماذا حدث لتابوت العهد إذاً؟

 هل أخذه نبوخذ نصّر؟ هل تم تدميره مع المدينة؟ أم هل تم إخراجه من هناك وتخبئته، كما حدث عندما أغار شيشنق فرعون مصر على الهيكل أيام ملك رحبعام ابن سليمان؟ (لأنه لو كان شيشنق قد استولى على تابوت العهد فإذاً لماذا طلب يوشيا من اللاويين إعادته؟).

 يقول السفر الأبوكريفي مكابيين الثاني أنه قبل الغزو البابلي مباشرة فإن أرميا بعد إعلان إلهي، أمر أن تصاحبه خيمة الاجتماع وتابوت العهد… وذهب إلى الجبل الذي صعد إليه موسى ليرى ميراث الرب (أي جبل نبو؛ تثنية 31: 1-4). وعندما وصل ارميا إلى هناك وجد غرفة في كهف وضع فيها الخيمة والتابوت، ومذبح البخور، ثم قام بسد المدخل" (مكابيين الثاني 2: 4-5).

 ولكن، "بعض الذين تبعوه جاءوا ليضعوا علامة على الطريق المؤدي إلى ذلك المكان لكنهم لم يجدوه. وعندما سمع أرميا بهذا وبخهم قائلا: هذا المكان يجب أن يظل غير معروف حتى يجمع الله شعبه مرة أخرى ويرحمهم. حين ذاك سيعلن الرب هذه الأمور وسيرى مجد الرب في السحابة، كما حدث أيام موسى.

 ويعتقد عالم الحفريات مايكل ساندرز أن التابوت مخبأ تحت معبد مصري قديم في قرية جهايره، ولكنه لم يجده هناك حتى الآن.

 وقيل إن إحدى الجماعات اليهودية التي كتبت مخطوطات البحر الميت قامت بدفن تابوت العهد في الصحراء الأردنية قبل أن يهربوا منها.

 وبالمثل قيل بأن مجموعة مسيحية مبكرة تسمى كاثرس ربما أخفت تابوت العهد في كنيسة قديمة في رين لو شاتو بفرنسا قبل أن يتم القضاء عليهم من قبل الكنيسة الكاثوليكية .

 ويدعي كثير من الباحثين بأن فرسان الهيكل أخذوا تابوت العهد من الأراضي المقدسة وقيل بأنهم ربما أخفوه في منجم بجزيرة أوك آيلاند أو حتى في الكنيسة الاسكتلندية في روسلين وتشير بعض الروايات إلى أن الماسون (أحفاد فرسان الهيكل) يمتلكون تابوت العهد وهو تحت سيطرتهم الآن.

 ولا يخفى علينا محاولات اليهود المستمرة في التنقيب تحت أساسات المسجد الأقصى بهدف إيجاد تابوت العهد أو نقول بـ "حجة" إيجاده لهدم المسجد الأقصى نفسه وإعادة بناء هيكل سليمان مكانه الذي يزعم اليهود أنه كان في نفس مكان المسجد الأقصى الموجود بفلسطين ولم يكن هذا الهيكل (البيت المقدس أو الحرام) بمكة.

 ويعتقد أيضاً عدد آخر من الخبراء أن تابوت العهد لا يزال موجوداً في الأرض المقدسة (هي أرض مكة وليس أرض القدس بالقطع علي ما شرحنا سابقاً).

 هل سيظهر التابوت مرة أخرى في زمن المهدي المنتظر

  تؤكد الكثير من الروايات الإسلامية الشيعية والسنية أن تابوت السكينة سيتم العثور عليه مرة أخري حيث سيهدي الله المهدي المنتظر إلي مكانه فيستخرجه من الفاتيكان أو من جبل بإنطاكية أو بالشام أو من منطقة بحيرة طبرية بالأردن كما جاء ببعض الروايات، وهذا يوافق ما قاله النبي أرميا عن إخراج الله للتابوت مرة أخري في نهاية الزمان بعد أن يجمع بني إسرائيل من شتات الأرض في الأرض المقدسة (مكة) والله أعلم.

 أخرج أبو نعيم في كتاب الفتن ص249 عن كعب قال: المهدي يُبعث بقتال الروم، يُعطى فقه عشرة، يستخرج تابوت السكينة من غار بأنطاكية فيه التوارة التي أنزل الله تعالى على موسى عليه السلام، والإنجيل الذي أنزله الله عزَّ وجل على عيسى عليه السلام ، يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم.

 وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (يظهر على يديه تابوت السكينة من بحيرة طبرية، يحمل فيوضع بين يديه ببيت المقدس فإذا نظرت إليه اليهود أسلمت إلا قليلاً منهم) (الملاحم والفتن ص57).

 وعند الشيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يستخرج التوراة والإنجيل من أرض يقال لها أنطاكية) (البحار:51/25).

وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (يستخرج تابوت السكينة من غار بأنطاكية، وأسفار التوراة من جبل بالشام يحاج بها اليهود فيسلم كثير منهم). ( منتخب الأثر ص 309).

 واختلاف الأحاديث السابقة في مكان وجود التابوت يضع شكوك علي هذه الأحاديث وأنها قد تكون موضوعة. فأيها سنصدق؟؟؟؟

وما يهمنا فيها هو تأكيدها أن التابوت سيأتي للمهدي ليكون أحدي آياته ويستخدمه في حروبه.

 ومن المؤكد أن التابوت في حراسة الملائكة بأحد الأماكن بالأرض المقدسة بمكة أو تم رفعه للسماء عند البيت المعمور، ويؤكد ذلك وجود نصوص بسفر الرؤيا الإنجيلي تؤكد وجود التابوت بهيكل الله في السماء (هيكل السماء هو البيت المعمور عندنا)، وسيأتي به الملائكة مرة أخري في زمن المهدي كما أتوا به في عصر طالوت.

 وهذا هو الرأي الأرجح عندي، فقد أكد لنا المولي عز وجل في قصة طالوت كذب مزاعم بني إسرائيل بأن الفلسطينيون سرقوه وأكد أنه لم يسرق ولكن كان في حوزة وحراسة الملائكة لأن الله لن يسمح بسرقته والتلاعب به أو العبث بالسكينة الموجودة بداخله أو استخدامه من حزب الشيطان والدجال في السيطرة والتحكم بالبشر، وكما كان التابوت آية تشير لاختيار الله لطالوت ملكاً علي بني إسرائيل فليس هناك ما يمنع أن يكون التابوت آية للمهدي وستأتي به الملائكة أيضاً.

 وهذه بعض نصوص سفر الرؤيا الإنجيلي الموجود به ما يؤكد أن التابوت موضوع في هيكل الله بالسماء (في البيت المعمور) وسينزل مع مدينة أورشليم الجديدة النازلة من السماء عند القيامة الأولي (قيامة يوم الفصل) وهو سفر يتحدث كله عن أحداث نهاية الزمان وخروج المهدي (الحمل أو الخروف) وعودة عيسي من السماء بعد خروج الدجال لقتله:

 إصحاح 3

 12. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُوداً فِي هَيْكَلِ إِلَهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلَهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلَهِي أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلَهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ.

 إصحاح 11

 19. وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ، وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ.

وللمزيد من التفاصيل راجع كتابنا "كشف طلاسم وألغاز القرون الأولي والدجال وغواصة وطوفان نوح وأبراج النمرود والمركبات الفضائية لسليمان"

وجميع كتبي يمكن تحميلها من الرابط التالي:

https://heshamkamal.blogspot.com/2023/05/normal-0-false-false-false-en-us-x-none.html