الكائنات المحيطة بنا التي تمثل أدوات وأجهزة الخالق في مراقبتنا وتسجل أعمالنا وتقدم تقرير يومي بها للخالق أو تسوقنا وتشهد علينا في الآخرة (الحلقة الأولى)
هشام كمال عبد الحميد
في هذا البحث سنتعرض للآيات التي ستثبت النتائج الآتية:
· المتلقيان القعيد علي اليمين والشمال منا هما الحافظين الكرام الكاتبين المسئولين عن تسجيل أعمال الخير والشر لنا (مخلوقات وجنود لله تشبه ما تقوم به أجهزة الكمبيوتر والفهرسة وحفظ الملفات)
· الرقيب العتيد هو من يقوم بتسجيل وتصوير أعمالنا بالصوت والصورة والتاريخ بالثانية ويسلم للمتلقيان نسخة لتسجيلها في سجل حسناتنا أو سيئاتنا (كائن يقوم بما تقوم به أجهزة وكاميرات المراقبة)
· الطائر الملازم لأعناقنا هو من يتسلم نسخة فيديو من التقرير اليومي لأعمالنا من الرقيب العتيد ويصعد به وبأنفسنا إلي موقع حفظ ملفاتنا (كتب أعمالنا) بالملأ الأعلى ليسلم التقرير أثناء نومنا ليقيد في كتاب الزُبر العام، ويتم أخذ بصمة طاقية أو صوتية من أنفسنا التي يتم أصطحابها معه عليها حتي لا ننكر في الآخرة أن هذا الفيديو أو كتاب أعمالنا لا يخصنا
· السائق والشهيد هما السائق الذي سيسوقنا إلي جلسة المحاسبة والمحاكمة في الآخرة لوزن أعمالنا بالقسط، والشهيد هو الطائر الملازم لأعناقنا الذي سيشهد علي ما فعلناه بالدنيا ويشهد حسابنا يوم القيامة
· القرين هو الزوج الجني أو الشيطاني لكل إنسان
· المعقبات من بين اليدين (الأمام) ومن الخلف (الظهر) هم الحفظة وجهاز الدفاع والتأمين الذين يحفظون المؤمنين من أمر الهلاك الواقع من الله علي الأمم الكافرة
· ملائكة البشري لا تتنزل إلا علي الذين استقاموا وهم أوليائهم في الحياة الدنيا ويبشرونهم بألا يخافوا ولا يحزنوا وبالجنة التي وعدهم الله آياها
وسنقسم الموضوع علي حلقتين نبدأ بالأولي منهما الآن:
هناك مجموعة من القوي أو الكائنات أو جند من جنود الله تحيط بالإنسان في حياته ولا تفارقه لحظة حتي وفاته ورغم ذلك فالإنسان لا يراها أو يشعر بوجودها حوله لأنها مخفية عنه، بعض هذه الكائنات مهمته رقابة تصرفات الإنسان ومحاولة تقويم سلوكه بتقديم النصح والإرشاد له قبل ارتكابه أي فعل خاطئ أو آثم أو مخالف لشرع الله أو فيه شر وأذي لنفسه أو للأخرين، وهناك كائنات أخري تقوم بتسجيل الأعمال وتقديم تقرير يومي للخالق بها، وثالثة تقوم بحفظه من أمر الله، وبعضها سيصحبنا في الآخرة ليكون شهيداً علينا، وهناك القرين الجني الذي يقيده الله لكل إنسان ويكون علي شاكلة وطبيعة نفس كل شخص فهو زوجه أي المقابل له في كل شيء وكأنه نسخة كربونية منه، وفي الآخرة سيكون هناك كائنات أو ملائكة تسوقنا إلي الجنة أو النار.
وكل هذه الكائنات لا نعرف عن طبيعة خلقها شيئاً وفي الأدبيات الإسلامية يطلق عليهم ملائكة لكن الله لم يصفهم في القرآن بالملائكة ولم يخبرنا عن طبيعة خلقهم بشيء. فتعالوا لنتعرف علي هذه الكائنات ووظائفهم من خلال آيات القرآن.
قال تعالى:
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) (ق)
يخبرنا المولي عز وجل في الآيات السابقة من سورة (ق) أنه خلقنا ويعلم كل ما توسوس به أنفسنا لأنه أقرب ألينا من حبل وريدنا، وهناك رقيب عتيد يراقب كل ما نلفظ به من قول، وهذا الرقيب معه متلقيان قاعدان علي يميننا وشمالنا يتلقيان منه كل ما يرسله لهما، فيقوم هذا الرقيب العتيد بتجميع كل أقوالنا وأفعالنا من خير أو شر ثم يقسمها ويصنفها لقسمين، فيرسل كل ما تلفظنا به من قول سوء للمتلقي القاعد علي الشمال فيقوم بتسجيله في صحيفة سيئاتنا، ويرسل كل ما تلفظنا به من كلام طيب إلي المتلقي القاعد علي اليمين فيسجله في صحيفة حسناتنا، وإذا لم يكتفي الإنسان بالقول وجاوز تصرفه وسلوكه مجرد القول فحوله إلي فعل خير أو شر يبلغ أيضاً الرقيب العتيد المتلقيان بهذا التصرف لقيده في صحيفة حسناتنا أو سيئاتنا.
ولا يجب أن يغيب عن أذهاننا أن كل هذه الأعمال تكون مسجلة ومصورة في صحائفنا بالصوت والصورة والتاريخ المرتكب فيه الفعل بالثانية وكأنها أفلام فيديو. وأيضاً لا بد أن ندرك أن ما يسجل علينا ليس فقط ما نتلفظ به من قول في الظاهر ولكن ما نتلفظ به في الباطن أيضاً، أي ما كنا نضمره ونخفيه في نفوسنا وخلدنا، ولكن ما يرسله الرقيب العتيد للمتلقيان للتسجيل في صحائف أعمالنا هو فقط ما تلفظنا به أو فعلناه في الظاهر أو علي ارض الواقع، أما النسخة الكاملة لما تم تسجيله علينا في الظاهر وما كان بخلدنا فسنشرح بعد قليل المكان الذي ستذهب إليه هذه النسخة وتسجل فيه.
أي باختصار وتبسيط لتقريب الصورة إلي الأذهان مع الفارق بين صنع الله وصنع الإنسان فإن عمل الرقيب والمتلقيان يشبه ما تقوم به كاميرات المراقبة المتصلة بأجهزة الكمبيوتر أو التسجيل، والتي تصور كل حدث يدور في محيط عملها بالصوت والصورة والتاريخ وترسله في الحال أو كل بضع دقائق أو ساعات لجهاز الكمبيوتر لتسجيله بها.
فالرقيب العتيد والمتلقيان عبارة عن أجهزة أو أدوات مراقبة وتصوير وتسجيل ولكن لا تقوم بها آلات ولكن كائنات ومخلوقات من خلق وجنود الله الذين لا يعلمهم إلا هو.
ويستنتج أن متلقي اليمين مسئول عن تسجيل الحسنات والأعمال الخيرة ومتلقي الشمال مسئول عن السيئات من قوله تعالي أن المؤمنون سيتلقون كتابهم في الآخرة بيمينهم ويسمون أصحاب اليمين، والكافرون والظلمة والمجرمون يتلقون كتابهم بشمالهم ويسمون أصحاب الشمال، قال تعالى:
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (29) (الحاقة)
وهذان المتلقيان جاء ذكرهما أيضاً في آيات أخري باسم الحافظين (مثني حافظ) الكرام الكاتبين (مثني كاتب)، وذلك في قوله تعالى:
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) (الإنفطار)
فالكرام الكاتبين هما اللذين يكتبان ويسجلان كل أعمالنا وأقوالنا، وهما أيضا حافظين لأنهما يحفظون هذه الأعمال في سجلات وملفات حفظ.
وتخبرنا آيات سورة (ق) أنه بعد النفخ في الصور وعند الحساب يوم القيامة سيأتي كل إنسان ومعه سائق يسوقه إلي غرفة أو جلسة حسابه ليتم محاكمته، وشهيد يشهد عليه ومعه نسخة كاملة من كتاب أعماله والسجلات المحفوظة لدي الخالق بتاريخه كله والذي كان يغفل أن الله قد سجلها عليه بجنوده المحيطين به الذين سيراهم ويشهدهم بعينه عندما يصبح بصره حديد (شديد الحدة أو حاد جداً فيري ويشاهد ما لا كان يستطيع مشاهدته في الدنيا) بعد كشف الغطاء عن عينه فيبصر ويري مثل هذه الكائنات المحيطة به وكأنه يري بأعين تشبه أعين بعض الحيوانات مثلاً التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء وتري في الظلام ما لا يراه الإنسان.
وهذا الشهيد الذي سيأتي مع الإنسان ليشهد عليه هو في الغالب الطائر الملازم لأعناقنا (أعلي جزء في جسمنا أي فوق رأسنا مثل عنق الزجاجة فهو قمتها أو أعلي جزء فيها) والوارد ذكره في قوله تعالى:
وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (13) اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14 ) (الإسراء)
فقد وكل أو قيد الله لكل إنسان طائر في عنقه، هذا الطائر معه كتاب مسجل فيه بالصوت والصورة والتاريخ ما لفظه من قول وفعل وما كان يدور بخلده ونواياه، وقد يكون هذا الطائر هو نفسه الرقيب العتيد أو يكون الطائر كائن غيره يتسلم كل يوم نسخة من كتاب أعمالنا اليومي من الرقيب العتيد.
وسيأمر الله هذا الطائر في الآخرة بإخراج الكتاب الذي سجل فيه من أعناقنا فيخرجه وينشره علي صفحة الأثير أو الهواء بجلسة الحساب والمحاكمة فيشاهد فيه الإنسان كل ما كان يلفظه في الدنيا وكل ما كان يضمره ويخفيه في نفسه وكأنه يشاهد فيديو أو فيلم وثائقي مصور علي شاشة سينما أو تلفزيون أو شاشة كمبيوتر فيقرأ ويشاهد كل المسجل في هذا الكتاب المستخرج من عنقه فيخرس ولا يستطيع أن يتفوه بكلمة اعتراض أو تقديم مبررات ويكون هو الحسيب والقاضي علي نفسه بعد اعترافه بكل ما اقترفه من أعمال السوء.
فالكتاب الذي سيقرأه الإنسان يوم القيامة ليس كتاباً مقروءاً فقط بل مقروء ومشهود أيضاً أي به مشاهد مصورة، مصداقاً لقوله تعالى:
وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) (البروج)
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ (هود: 103)
ففي يوم القيامة سيكون هناك شاهد هو الشاهد الذي سيشهد علينا (الرقيب العتيد أو الطائر الملازم لأعناقنا) وسيكون هناك مشهود هو الكتاب الذي سيخرج من أعناقنا.
ويوم القيامة هو يوم مشهود أيضاً لأننا سنشاهد ونري فيه كتبنا وحسابنا وجنتنا أو نارنا....الخ.
وهذا الطائر أو الرقيب يأخذ أنفسنا كل يوم عند نومنا وتوقف أعمالنا فيطير بها في جو السماء حتي يصل بها إلي الخالق فيوقفها أمامه ويقدم له تقرير يومي بما اقترفته في هذا اليوم، ويسلم نسخة من كتابه المصور عن هذا اليوم إلي المولي عز وجل فتوضع هذا النسخة في كتاب الزبور، مصداقاً لقوله تعالى:
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (51) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53) (القمر)
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (الكهف:49).
وفي الآخرة سيتم مطابقة أصل كتابنا المستخرج من أعناقنا مع النسخة المحفوظة عند الله في كتاب الزُبر والتي كان يسلمها للخالق هذا الطائر يومياً أثناء نومنا، وقد جاء ذكر نسخ نسخة من كتاب أعمالنا وحفظها عند الله في قوله تعالى:
هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (الجاثية: 29)
وإذا جاءت لحظة وفاة الإنسان أثناء نومه ونفسه في حضرة الله مع طائره يمسك الله هذه النفس وطائره عنده ولا يعودان إلي جسده النائم الذي سيصبح جسد ميت، وإذا كان له في العمر بقية يرسل الله نفسه مع طائره مرة أخري إلي جسده، وهذه الأمور جاء ذكرها في قوله تعالى:
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الزمر: 42)
من الآية السابقة نستنتج أن الله يتوفى الأنفس (أي يأخذها أو يمسكها عنده) في حالتين، الأولي في أثناء النوم، والثانية عندما يقضي عليها بالموت، فعند نوم الإنسان تصعد نفسه إلي الله والذي يصعد بها هو الطائر الملازم لأعناقنا، فيمسك الله عنده طائره ونفسه إذا كان قد قضي عليها بالموت في هذه اللحظة ويرسل التي لم يقضي عليها الموت مع طائره إلي جسده مرة أخري إلي أجل مسمي هو وقت موته، ويتضح أن الطائر هو الذي يقوم بهذه المهمة من قوله تعالى:
أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (النحل : 79)
في الآية السابقة يخبرنا الحق جل وعلا أن هناك طير مسخر في جو السماء لا يمسكه إلا الله، وفي تحركات وطيران هذا الطير آيات للمؤمنين، ففي قوله تعالي "لا يمسكه إلا الله" إشارة إلي أن هذا الطير المسخر للإنسان الذي يطير في جو السماء يأتي وقت يمسكه الله فيه ويوقف عمله، وهو الوقت الذي يحين فيه موت الإنسان علي ما جاء بقوله تعالى: فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى (الزمر: 42)
كما جاءت الإشارة إلي هذا الطير في آيات أخري ارتبطت بتطير الكافرين بالرسل ومن معهم (أي قولهم لهم زهقنا ويأسنا منكم حتي خرجت طيورنا بأنفسنا من أجسادنا) فكان رد الأنبياء عليهم طائركم عند الله أو طائركم معكم (أي لم يخرج من أجسادكم فهو أما معكم أو عند الله في أثناء نومكم أو وفاتكم)، قال تعالى:
فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (الأعراف : 131)
قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (النمل : 47)
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (19) (يس)
وقد صور الفراعنة مشاهد محاسبتنا ووقوف طائرنا كشهيد علينا عند وزن أعمالنا في نقوشهم الحجرية وبردياتهم وهذه أحدي الصور:
والكمبيوتر والإنترنت وكاميرات المراقبة والشرائح الإلكترونية وفيروسات الأجهزة الإلكترونية.....الخ ليست سوي أدوات إبليس لمضاهاة أدوات الخالق في مراقبة الإنسان وتسجيل تحركاته كاللوح المحفوظ وكتاب الزبور والرقيب العتيد والمتلقيان في محاولة لتحقيق الإحاطة الإبليسية به.
وللحديث بقية بالحلقة الثانية
وللمزيد من التفاصيل راجع كتابنا "قراءة عصرية لأحداث الساعة وأهوال القيامة بالقرآن والكتب السماوية"
وجميع كتبي يمكن تحميلها من الرابط التالي:
https://heshamkamal.blogspot.com/2023/05/normal-0-false-false-false-en-us-x-none.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق